Monday 28 July 2008

الجواب على سؤال : ومن خلق الله


.. لا أتصور إنسان على وجه الأرض لم يتعرض بينه وبين نفسه لمثل هذا السؤال
فهو نتيجة طبيعية للمنطق العقلي عندما نتدرج بالسؤال عن سبب وجود الأشياء ثم وجود الكون ، ومن ثم نصل إلى القول : ومن خلق الله ؟؟؟
وعلى الرغم من أن المؤمن لا يحتاج لأكثر من منطق ذلك الإعرابي البسيط لمعرفة وجود خالقه والاطمئنان بهذا المنطق
إلا أن نبرة القلق والشك والحيرة التي يكابدها الملحدون لا يعالجها ذلك المنطق ولا يكتفون بالتوقف عن القول بأن البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير وبالتالي فهذا لكون الواسع بنظامه وعظمته ألا يدل على الخالق القادر الكبير ...ه
ولذلك ليس غريبا أن ينطلق هذا الإنسان الحائر المضطرب الفكر ويستمر في السؤال : ومن خلق الله ؟
المسألة بسيطة .. لا تحتاج إلا إلى رغبة حقيقية وصادقة في المعرفة ، فأنت لن تستطيع أن تقنع شخصا لا يريد أن يقتنع لأنه ببساطة لن ينظر إلى الحجج والبراهين ، وإنما سيفكر تلقائيا بأي وسيلة للهرب وعدم الاعتراف !!! ه
البداية لا بد أن تكون مع تحديد مفهوم المعرفة .. كيف نعرف ؟؟؟
لا نستطيع أن نعرف أن لون الحائط أبيض إلا من خلال حاسة البصر .. أمر بديهي
ولا نستطيع أن نعرف أن 1 + 1 = 2 ... أو أن الكل أكبر من الجزء ، إلا من خلال العقل .. أمر بديهي آخر
ولكن كيف نعرف بأن الحائط أبيض ؟ أعني ما هي العملية التي تمت حتى تكونت هذه المعرفة لدينا ؟؟
باختصار .. المعرفة تتكون من خلال اجتماع " معطيات حسية " تأتينا عبر الحواس مع مفاهيم عقلية موجودة في العقل
فالأعمى مثلا .. لديه مفاهيم عن اللون ، ولكنها مفاهيم عقلية لا تمكنه من تكوين معرفة بلون الحائط لأنه عاجز وليست لديه حاسة البصر التي تزود عقله بمعطيات ذلك اللون ....ه
المعرفة إذن تتطلب معطيات حسية يتم تركيبها في العقل بمفاهيم الكم والكيف والإضافة والجوهر ... الخ
ولذلك .. نحن نستطيع أن نفهم أو نستنتج بأنه لا بد من وجود خالق أوجد هذا الكون ... ببساطة لأن لدينا معطيات حسية ومفاهيم عقلية تمكننا من المعرفة والاستنتاج في حدود الطبيعة
تماماً كما نستنتج من وجود كتاب موضوع أمامنا بأنه لا بد من وجود مؤلف ، ومصنع لصناعة الورق وآخر للطباعة وعمال يعملون حتى خرج هذا الكتاب .... ه
ولكن لماذا لا نستطيع أن نستمر بالسؤال ونقول : ومن خلق الله إذن ؟
لأن الأمر هنا يتعلق بالميتافيزيقا .. عالم ما وارء الطبيعة ... ولأنه عالم أعلى من عالم الطبيعة ، لا نملك منه أية معطيات حسية ولا مفاهيم عقلية تمكننا من تكوين معرفة ... .ه
وهذا ما قال عنه إمانويل كنت - أعظم فلاسفة الغرب - بحدود العقل .. !ه
نعم فللعقل حدود لا يستطيع أن يتخطاها .. كما أن للحواس حدود لا تستطيع أن تخترقها ، ولأجسادنا حدود لا تستطيع أن تتجاوزها ..
المشكلة إذن تتعلق بصحة السؤال .. وليست في الإجابة
عندما نقول " من خلق الله " فنحن باختصار نضع الأمر بهذه الطريقة " الله مخلوق ، فمن خلقه " ؟؟؟
ولكن من أين أتت المقدمة الأولى ( الله مخلوق ) ؟؟؟؟ كيف توصلنا إلى هذه المقدمة حتى نستطيع أن نطلق السؤال " من خلقه " ؟؟؟
ببساطة .. هذه المقدمة جاءتنا بسبب العقل الذي يفهم الأمور بهذه " السببية " .. أن وجود كتاب يعني بالضرورة وجود مؤلف ....ه
وبالمثل .. وجود إله يعني أنه مخلوق ، فمن خلقه !! ولكننا هنا نقع في خطأ كبييييير لأننا بكل سذاجة قمنا باستخدام مفاهيم الطبيعة على عالم ما بعد الطبيعة !
كيف نبرر إذن هذا القفز من الطبيعة إلى الميتافيزيقا ؟!!! هنا السؤال الذي ينبغي أن نتأمل فيه قبل أن نطلق السؤال الساذج " من خلق الله " وإلا فإننا سنقع في أخطاء في التفكير ...
نستطيع أن نقول بأن السيارة تحركت لأن هناك قوة ميكانيكية حركتها ..
نستطيع أن نقول بأن القلم تحرك لأن هناك يداً حركتها
نستطيع أن نقول بأن لكل حادث سبب في عالم الطبيعة
نستطيع أن نفهم الأمور ضمن إطار الطبيعة ... لأننا نملك معطيات ومفاهيم عنها
ولكننا لا نستطيع أن نفهم كيف يتحرك الملائكة وكيف يقومون بأشياء لا نستطيع تصورها
ولا أن نفهم كيف باستطاعة الجن أن يتحركون بسرعة رهيبة لا يمكننا حسابها
ولا أن نفهم كيف وجد الله عز وجل
ولكن .. إذا كنت لا أعرف ولا أملك وسائل المعرفة التي تمكنني من معرفة حقيقة وجود الله ، هل يعني هذا مبرراً كافيا لنقض فكرة وجود الله ذاتها التي تكونت لدينا من خلال وجود هذا الكون الهائل والذي لا يمكن تصوره بدون خالق ؟!!! بالتأكيد لا
ورد وود للجميع

4 comments:

Anonymous said...

I wish someone could translate your post into English. It's something everyone should read. I love the way you write and explain things. You've got great philosophy in life; great blog!

bodalal said...

ألف شكر وتحية على مرورك العاطر وتعليقك الجميل ..

تقبل تحياتي ..

تراب الكويت said...

هذا ما كنت احدثك عنه في جوابي السابق
لو كانت الامور تدور في اذهانهم بهذا التسلسل
لكنت التمست العذر لهم
وحاولت مجاراة تلك الشكوك في محاولة للوصول لليقين

لكن ما يحدث بعيدا كل البعد عن ذلك

هل رأيت الملحد الذي يفاخر بشربه الخمر
وبوضعه لصور الفتيات الاجنبيات في مدونته بسبب وبدون سبب

هل تعلم اني اناقشه وهو يرفض ان يناقشني لمجرد ني جارية كما يقول
فهو ينكر علي عقلي وتفكيري

ثم يقول أن المسلمين غسلو مخ النساء
وليس لديهم ادنى درجات الاحترام لهذا المخلوق

من هنا الذي لا يعترف بحقي في التفكير
وبأني مجرد جارية لا رأي لي ولا موقف

في النهاية قرر أن يقوم بمسح كل تعليقاتي
هكذا دون مبرر مقنع


اوافق صاحب التعليق الاول على اقتراحه

عجبي

bodalal said...

اختي تراب الكويت ... مرة أخرى شكرا على مرورك وتعليقاتك الصادقة

لا تعتقدي بأنهم قادرون على النقاش .. ببساطة لأنهم لا يملكون موقفا فكريا ولا حجج عقلية

لذلك هم يلجأون إلى أرخص الأساليب .. طنازة وسب وتطاول على مقدسات ورموز دينية بل وحتى على الله عز وجل وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام ..
عبارات مكررة يتناقلونها من موقع لآخر .. تسلية بلعبة عقلية خطيرة لا أكثر

ولو أن فيهم من يملك حجة ومنطق لما تهرب من النقاش ..

ولكنهم لا يملكون سوى عبارات فارغة من المعنى ولا تدل إلا على إفلاس عقلي وسوء تربية

ولذلك لا تتوقعي نقاش علمي من شخص مريض ومعقد يكره كل الناس ولديه أحكام مسبقة.. يصنف البشر على مزاجه تصنيفات مريضة .. فكل من يستخدم آية أو حديث = عندهم سلفي وتكفيري وطائفي مخه مغسول .. لا ينظرون في الفكرة ولا في الكلام .. تلقائيا عبارات جاهزة يطلقونها ويحسبون أنهم حققوا انتصار عظيم بقلة الأدب والبذاءة

عسى الله يهدينا ويهديهم .. فهم والله بحاجة للدعاء

ورد وود