Wednesday 30 July 2008

مفهوم القيمة .. فلسفياً


ثمة نظرة سادت في الفكر الفلسفي منذ أفلاطون وحتى يومنا هذا ، تقوم هذه النظرة على تفسير الواقع – فلسفياً – على أساس " المثل " ، كما وتقيّم هذا الواقع على أساس " القيم " ، ومع أن مصطلح " القيمة " مصطلح حديث لم يظهر إلا في القرن التاسع عشر في فلسفة كنت ونيتشة بشكل خاص ، إلا أننا نجد جذور هذا المصطلح في فلسفة أفلاطون من خلال تمييزه بين عالم المثل وعالم الواقع ، حين أعتبر أفلاطون – في تشبيه الكهف – أن مثال الخير " تو ألاثون إيدوس " هو الذي يهبنا القدرة على المعرفة ، ورمز له بالشمس . ونتيجة للخلط بين معنى الخير المعرفي ( أي المثال الذي يكشف عن ذاته ويهب غيره القدرة على التكشّف فيُعرف ) ومعنى الخير الأخلاقي ( = القيمة ) في مصطلح ال" ألاثون " ، نشأ مفهوم " القيمة " نتيجة لهذا الخلط إذن، وأصبحت هذه القيمة أو " القيم في ذاتها " بالنسبة للإنسان بمثابة " ما ينبغي أن يكون " ، فيتقوّم سلوكه بناءاً على هذه القيم ، تماماً كما كانت ال" ألاثون " بمثابة المثال الذي يهب الأشياء القابلية لأن تعرف.. فحلّت القيمة هنا محل مثال الخير .
لنعد إلى البداية ، لقد ظهرت " الفلسفة " * في الحضارة اليونانية بوصفها " حب " أو " ميل " ** إلى المعرفة الصحيحة أو الحكمة ، وعلى الرغم من أن الميل والحب هي مفاهيم تتعلق " بالشعور" ، إلاّ أن البحث الفلسفي أخذ طابع السؤال عن الأشياء ( الموجود) دون أن يكترث بطبيعة ذلك الشعور ، بل لقد خرج الاهتمام بهذا الشعور عن نطاق الفلسفة ، وأصبح ما يعرف الآن بعلم النفس ؛ فتحول الهم الفلسفي إلى : كيف نعرف ؟ بدلاً من أن يكون : لماذا نعرف ؟ لماذا نحب المعرفة ونميل إليها ؟ فكيف إذن تم ذلك التحول من الاهتمام بـ " الحب " أو " الميل " إلى الاهتمام " بالحكمة " ؟!! ه

الغريب أن هذا التحول في "صيغة " فهم الفلسفة التي بدأت في اليونان ، قد انتقلت إلى الحضارة الإسلامية ، ومنها عادت إلى الفكر الغربي مرة أخرى ، دون أن يطرأ أي تغيير على صيغتها الأولى التي ظهرت بها ، أعني التساؤل عن الوجود لا عن الميل أو ال "فيلو " ** ، وقد نتج عن هذه الصيغة ( السؤال ) فصل السائل ( الإنسان ) عن موضوع السؤال ( الوجود ) ، ولتأكيد هذا " الفصل " أو " التمييز " ، عرّف الإنسان نفسه على أنه حيوان ناطق *** ، وأعتبر النطق سمة فريدة ومميزة للإنسانية عن بقية الموجودات ، بل وعن الوجود ذاته ، فأصبح الإنسان يسأل عن الوجود وكأنه خارج عنه لا بوصفه هو ذاته موجوداً تتحقق فيه صفة الوجود . كما أصبح التمييز على أساس النطق نموذجا لأشكال أخرى من التمييز ، منها ما هو على أساس الأخلاق ومنها ما هو على أساس الاجتماع وغيرها من " صفات " الإنسان … فأصبح التمايز أو الثنائية بالنسبة للإنسان وكأنها حقيقة ثابتة ، وليست بحاجة إلى تبرير .
لقد قامت العلوم منذ نشأتها على أساس التمييز بين " الإنسان " وكل ما هو " ليس بإنسان " ، غير أن العلوم – بكل فروعها – ليست كالفلسفة ، فهي تعترف منذ البداية بأن أهدافها عملية ، تسعى لتحقيق الرفاهية والمنفعة للإنسان عن طريق استغلال كل ما هو ليس إنساناً … في حين أن الأمر ليس كذلك مع الفلسفة ، ذلك أن القناعة السائدة في الفلسفة هي أن العلوم إنما تقتطع جزءاً من الوجود ( موجود ما ) وتدرسه ، في حين أن موضوع الفلسفة هو " الوجود ككل " .ه
.
-------------------------
* Philosophy
** Philo
*** Animal Rationale
.
.
ورد وود للجميع

3 comments:

Anonymous said...

ما فهمت شي :)

بس عجبتني مواضيعك الثانية

بارك الله فيك

Anonymous said...

improve search engine rankings seo elite backlink service buy backlinks

Anonymous said...

It is appropriate time to make some plans for the future and it is time to be
happy. I have read this post and if I could I wish to suggest you some interesting things or suggestions.
Maybe you could write next articles referring to this article.
I desire to read more things about it!

Look into my website; Information On X Ray Technician